
كلمة صاحب الغبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث خلال المؤتمر الصحفي حول الزيارة الرعوية إلى قطاع غزة
القدس
الإخوة والأخوات الأحبّاء في المسيح،
حضرات ممثلي وسائل الإعلام المحترمين،
السلام لكم جميعًا باسم ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، الذي “كان يسير بين المرضى والمتألّمين”، وعلّمنا أن “الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ.” (متى ٢٥: ٤٠).
نجتمع اليوم وقلوبنا مثقلة بالحزن، لكن إيماننا ثابت لا يتزعزع، ونحن نستذكر زيارتنا الرعوية إلى غزة، تلك الأرض المثخنة بالجراح من طول المعاناة، والمثقوبة بصراخ الناس. لقد دخلنا، بمبادرة مشكورة من غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، وبرفقة إخوة مكرّسين من رجال الإكليروس، خدامًا لجسد المسيح المتألم، سائرين بين الجرحى، والمفجوعين، والمهجّرين، والمؤمنين الذين لم تنكسر كرامتهم رغم آلامهم.
هناك، التقينا بشعب مسحوق تحت وطأة الحرب، لكنه يحمل في داخله صورة الله. بين جدران كنيسة العائلة المقدسة ودير القديس برفيريوس المتصدّعة، وفي قلوب أبنائها الجريحة، عاينّا الحزن العميق والأمل الذي لا ينكسر. ركعنا للصلاة إلى جانب المتألمين، ووضعنا أيدينا على من يشتاق إلى العزاء، مسترشدين بكلمات القديس بولس: “اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ، وَهكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ.” (غلاطية ٦: ٢).
إن رسالة الكنيسة في أزمنة الحرب والخراب متجذّرة في خدمة الحضور؛ أن نقف إلى جانب من يبكي، وأن ندافع عن قدسية الحياة، وأن نشهد للنور الذي لا تُطفئه أي ظلمة، فهذا الحضور هو حضور المسيح نفسه.
وللمجتمع الدولي نقول: إن الصمت أمام المعاناة هو خيانة للضمير. ولشعب غزة بأسره نؤكّد أن الكنيسة وقياداتها تقف معكم. ولأصحاب القرار نقول: “طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ.” (متى ٥: ٩).
وكما يُعلّمنا التقليد المسيحي: “لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ!” (١ يوحنا ٣: ١٨). فليكن هذا الظرف نداءً للضمير، ولتقُدنا رحمة الله في كل فعل يسعى إلى مداواة الجروح.
شكرًا لكم.